عين الدولة على الميدل إيست.. فهل تبيع أسهمها؟

النهار

September 4, 2019

BACK

عندما أراد رئيس الحكومة سعد الحريري اعطاء مثال على الشركات الناجحة بغية تطبيق ما ورد في ورقة بعبدا الاقتصادية حيال طرح أسهم الشركات التجارية المملوكة من مصرف لبنان، لم يجد أنجع من شركة “الميدل إيست” ليبرزها مثالا يحتذى في هذا الإطار.

لكنها ليست المرة الأولى يتم الكشف عن نية طرح جزء من أسهم الشركة أمام القطاع الخاص والجمهور للتداول، فقد سبق أن أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قرار طرح نسبة 25% من أسهمها أمام القطاع الخاص على مراحل، ليتملكها ويتداولها بعد إطلاق المنصة الالكترونية لتداول الأوراق المالية والأسهم، على أن يباشر المشروع فور التوافق السياسي.

كما أن “الميدل ايست” كانت تتجه إلى طرح أسهمها قبل عام 2008، ثم عدلت عن هذا التوجه بعد الأزمة المالية العالمية التي ضربت العالم آنذاك، وأثرت سلبا على البورصات العالمية والعربية، بما جعل طرح أسهمها خطوة ذات مخاطر مرتفعة، في رأي المعنيين. أما حاليا، فإنّ طرح أسهم “الميدل إيست” للبيع يعدّ عاملا إيجابيا ومُشجّعا لأن مثل هذا الطرح لشركة تتميّز بتحقيق أرباح هو عامل جذب للأموال بما يُساعد مالية الدولة اللبنانية، وفي الوقت عينه يخدم أهداف مؤتمر “سيدر”.

ويحظى طرح أسهم الشركة أمام القطاع الخاص للتداول بترحيب من أركان هذا القطاع، خصوصاً أنها منذ 11 عاما باتت توزع أرباحاً سنوية بقيمة 55 مليون دولار، أي ما مجموعه أكثر من 605 ملايين دولار، فيما يعزز هذا الطرح الثقة بشركة “الميدل إيست” التي استطاعت إدارتها إبعادها عن التجاذبات السياسية، بما أدى الى وضعها في مصاف شركات الطيران العالمية. وهذا الأمر كان موضع ثناء دائم من حاكم مصرف لبنان لمجلس ادارة الشركة ورئيسها “الذين نجحوا في إصلاح يعتبر فريدا من نوعه في لبنان، ولو استطاع لبنان كله أن يقوم بمثل هذا الإصلاح لكان لبنان اليوم من الدول المليئة ومن الدول التي تستقطب الأموال والتي ليست في حاجة الى أن تدفع فائدة على الأموال”.

600 مليون دولار بفائدة 3.9%

آخر نجاحات الشركة هو تمكنها من تأمين تمويل بقيمة 600 مليون دولار بفائدة ثابتة لم تتجاوز الـ3.9% على فترة 12 عاما، من طريق بيع وتأجير الطائرات مع شركة BOC. وهذا الامر لم تستطع الدولة القيام به بسندات الخزينة التي وصلت فوائدها الى نحو 11% و12%. وهذه الفوائد المتدنية التي حصلت عليها “الميدل ايست” تثبت أن نجاحها هو موضع ثقة لدى المؤسسات الدولية العالمية التي لم تأخذ في الاعتبار تصنيف الدولة اللبنانية السلبي.

فقد وقّعت اتفاقا مع شركة BOC Aviation الرائدة في مجال تشغيل الطائرات وتأجيرها، لشراء وإعادة تأجير مع “الميدل ايست” لتزويدها ما لا يقل عن 5 طائرات “ايرباص” جديدة من طراز A321 NEO وصولاً إلى عشر طائرات من الطراز عينه مجهّزة بمحركات PurePower® PW1100G-JM من شركة “برات أند ويتني”، ويُتوقَّع أن يتم التسليم بحلول 2020 و2021.

وأعرب المدير العام والرئيس التنفيذي في شركة BOC Aviation، روبرت مارتن، عن سروره العميق “بالعمل مجددا مع شركة طيران الشرق الأوسط في إطار خططها الهادفة إلى توسيع أسطولها وشبكاتها”. وقال: “هذا الإنفاق الرأسمالي التدريجي على الطائرات ذات الهيكل الضيق الأوسع حجما، والمجهزة بتقنيات جديدة، هو مثال آخر على استثمارنا المنضبط في الطائرات التي تلقى رواجاً وإقبالاً واسعاً. وهو أيضاً خير مؤشر لقدرتنا على استنباط حلول مبتكرة لعملائنا، والأهم من ذلك توطيد علاقاتنا المتينة مع شركات الطيران الرائدة، على غرار شركة طيران الشرق الأوسط”.

وفق الورقة الاقتصادية التي اتفقت عليها القوى السياسية في قصرا بعبدا أول من أمس “العمل على تقليص حجم الدين العام، من خلال اعتماد الشركة بين القطاعين العام والخاص (PPP) ضمن مناقصات تتسم بالشفافية، ودفاتر شروط تضمن حقوق الدولة والمنافسة المشروعة ومصلحة المواطنين، وتشركة مؤسسات عامة ذات طابع تجاري، وهيئات غير استراتيجية، تمهيدا لطرح نسبة من أسهمها للجمهور لا تقل عن 35%، مع تحديد سقف 1% من هذه الاسهم لكل مكتتب”. لكن طرح أسهم “الميدل إيست” هدفه تأمين السيولة ليس لشركة طيران الشرق الاوسط التي ليست في حاجة اليها وفق ما تؤكد مصادر متابعة، بل لكي يكون في مقدور مصرف لبنان الذي يملك 99% من أسهمها تأمين بعض الاموال التي تقدر بأكثر من مليار دولار لتعزيز احتياطاته. وهو ما أكده الحاكم الذي سبق أن قال إن “شركة طيران الشرق الأوسط هي من الاستثمارات الرابحة لمصرف لبنان، إذ تفوق قيمتها المليار دولار، وقد سددت استثمار المصرف المركزي”.

متى الموعد؟

أما وقد اتخذ القرار بطرح اسهم “الميدل ايست” للبيع، يبقى السؤال متى الموعد؟ وما هي التحضيرات اللازمة لهذا الطرح؟ علما أنه سبق لحاكم مصرف لبنان أن اعلن أن هذه العملية ستتم عبر منصة التداول الإلكترونية التي أطلقت هيئة الاسواق المالية في كانون الأول 2018 دفتر الشروط المتعلق بالترخيص لها، والّتي يُتوقع أن يبدأ العمل بها في الربع الأول من عام 2020.

نائب رئيس هيئة الأسواق المالية فراس صفي الدين أوضح في اتصال لــ”النهار” أن الحريري أكد أن “الميدل ايست” هي أحد الحلول التي يمكن عبرها تأمين السيولة في السوق اللبنانية، أما أين ستدرج أسهمها، فالأمر يترك وفق ما يقول صفي الدين “للشركة ولهيئة الاسواق المالية”. ماذا لو قررت ادارة “الميدل إيست” ومصرف لبنان ادراج اسهم الشركة فورا؟ يؤكد صفي الدين أن الادراج لن يتم بين ليلة وضحاها، إذ يتطلب الامر دراسة وتحضيرات بين 6 و9 أشهر لتصبح جاهزة للادراج.

ومعلوم أنه يمكن عبر المنصة الإلكترونية إدراج كل الادوات المالية القابلة للتداول، أي أنه إضافة الى الأسهم يمكن إدراج العملات الاجنبية، والمعادن مثل الذهب، وشركات تابعة لمصرف لبنان مثل شركة طيران الشرق الاوسط.

 

النهار